مقدمه

وانتهت سلسلة النبوة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتقع على عاتق علماء هذه الأمة مسؤولية شرح الدين للاحقين وتقديم الحلول للمشاكل التي يواجهونها. مثل هذه المشاكل الجديدة التي لم يرد ذكرها في نص القرآن والسنة، لا يمكن إيجاد حل لها إلا في ضوء الاجتهاد. كأن نهاية النبوة تعني أن العلماء والمجتهدين في هذه الأمة سيقدمون حل المشاكل غير المنصوصة إلى يوم القيامة بالاجتهاد، بينما في الأمم السابقة كان الأنبياء يفعلون ذلك حيث أن الأنبياء المنفصلين كانوا يرسلون لكل منطقة ولكل عصر، وكانوا يقدمون حلولاً للمشاكل التي يواجهها الناس في ذلك الوقت، ثم عندما انتشر الإسلام في جميع أنحاء العالم ، كانت هناك منافسة مع مشاكل جديدة، و زادت الحاجة إلى الاجتهاد بسببها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تركت لكم شيئين، بعد أن تضلوا: كتاب الله وسنتي”. في ضوء هذا المرسوم، بدأ عند المسلمين أول مشروع لبحوث القرآن والحديث، وبدلاً من الانخراط-في بداية الأمر- في مناقشات عقلانية، تم إعطاء أهمية للنصوص فقط واتخذوا الترتيبات الكاملة لحمايتها. ولكن عندما انتشر الإسلام بين العجم، أثيرت اعتراضات كثيرة على أساس العقلانية من قبل الأعاجم وظهرت تحديات كبيرة. أثناء الاستجابة للتحديات هذه، كانت إحدى المجموعات راضية عن المعنى الظاهري للنصوص ووضعت المجموعة الأخرى حججًا تستند إلى المبررات بدلاً من النصوص بينما حاول أهل السنة الرد على هذه التحديات باعتدال فظهر -نتيجة لهذه الجهود العلمية- في العالم علم عظيم يسمى بعلم الكلام، والعصر الراهن بأمس الحاجة إلى الاجتهاد نفسه للتعامل مع تحديات اليوم.
يحاول قسم الفكر الإسلامي والتاريخ والثقافة في جامعة العلامة إقبال المفتوحة إبراز زوايا جديدة من المعرفة والبحث. وقد تم اختيار عنوان “التقليد والحداثة في الفكر الإسلامي: منظور تاريخي ومعاصر“، والذي لا يهدف فقط إلى إبراز السياق التاريخي لـ هذه المناقشات، وبل يهدف أيضًا إلى فهم وتحليل التطورات الفكرية المعاصرة المتعلقة بهذه الموضوعات في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي. ونأمل أن يشارك العلماء والمفكرون بشكل كامل في هذا الموضوع من خلال مقالاتهم العلمية، والتي ستكون بمثابة تقدم فكري قيم في هذا الموضوع المهم.